الأكزيما هي حالة جلدية مزعجة تؤثر على الجسم والعقل. على الرغم من أن التركيز ينصب على الأعراض الجسدية المزعجة لهذا المرض، إلا أنه لا ينبغي تجاهل الأثر النفسي للإكزيما. هل تساءلت يومًا عن تأثيرات الإكزيما على الصحة العقلية؟ ما هي العواقب المحتملة للتعايش مع هذا المرض المزمن؟ في هذا المقال، وبالتعاون مع الدكتورة عبير فهد، سنكشف عن الأثر النفسي للإكزيما ونسلط الضوء على التحديات النفسية المحتملة التي تطرحها. سنستكشف أيضًا كيف تؤثر الحكة المستمرة والتهيج على الصحة العقلية، بالإضافة إلى التوتر والقلق المحتمل المصاحب لهذا المرض.
كيف تؤثر الإكزيما على الصحة العقلية والنفسية؟
تستكشف الأقسام التالية الطرق المختلفة التي يمكن أن تؤثر بها الإكزيما على حالتك النفسية:
1- التأثير العاطفي:
يمكن أن تسبب الإكزيما ضائقة نفسية كبيرة، بما في ذلك القلق والاكتئاب وانخفاض جودة الحياة بشكل عام. يمكن أن تؤدي الحكة المستمرة والألم وعدم الراحة إلى الإحباط والتهيج واليأس. يمكن أن يكون النضال المستمر لإيجاد الراحة والسيطرة على الأعراض مرهقًا عقليًا، مما يجعل المريض يشعر بالإرهاق والاستنزاف العاطفي.
2- انخفاض التصور الذاتي:
يمكن أن يكون لأعراض الإكزيما، مثل الجلد الأحمر والملتهب والقشور والتندب، تأثير كبير على صورة الجسم واحترام الذات. قد يشعر المريض بالخجل تجاه مظهره، مما يؤدي إلى الشعور بالحرج والعار والرغبة في إخفاء المناطق المصابة. يمكن أن تكون النتيجة انسحابًا اجتماعيًا، وتجنب المواقف الاجتماعية، وعدم احترام الذات.
3- اضطرابات النوم:
غالبًا ما تعطل الإكزيما نمط النوم بسبب الحكة الشديدة وعدم الراحة والحاجة إلى التطبيق المتكرر للعلاجات الموضعية. يمكن أن يكون للحرمان من النوم آثار عميقة على الصحة العقلية، مما يؤدي إلى تفاقم أعراض القلق والاكتئاب، وإضعاف الوظيفة الإدراكية، وتقليل الرفاهية العاطفية بشكل عام.
4- العزلة الاجتماعية:
قد يتجنب الأشخاص المصابون بالإكزيما المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والاجتماع مع الآخرين بسبب الخجل والقلق من ردود الفعل السلبية أو التعليقات حول مظهرهم.
5- التأثير على الأنشطة والعلاقات اليومية:
يمكن لطبيعة الأكزيما التي لا يمكن التنبؤ بها والحاجة المستمرة إلى السيطرة عليها أن تعطل الأنشطة اليومية، بما في ذلك العمل والمدرسة والارتباطات الاجتماعية. يمكن أن تتوتر العلاقات مع العائلة والأصدقاء والشركاء الرومانسيين، حيث يصعب فهم المتطلبات العاطفية والجسدية للإكزيما.
6- الحديث السلبي عن النفس ولوم النفس:
يمكن أن يؤدي الشعور بالتوتر الجسدي والحكم الاجتماعي المرتبط بالإكزيما إلى الحديث السلبي عن النفس واللوم الذاتي. قد يشكك المريض في قيمته الشخصية ويستوعب الانطباعات السلبية لحالته، ويلوم نفسه على مظهر بشرته. يمكن أن تؤثر هذه الأنماط السلبية للتفكير بشكل إضافي على تقدير واحترام الذات.
7- التأثير على الحياة الأكاديمية والمهنية:
يمكن أن تؤدي المواعيد المتكررة للطبيب، والعلاجات التي تستغرق وقتًا طويلاً، والغياب المحتمل بسبب النوبات الشديدة إلى تعطيل الإنتاجية، وخلق ضغوط إضافية، والتأثير على الآفاق المهنية أو الأهداف التعليمية.
8- العبء المالي:
العبء المالي المرتبط بالإكزيما يمكن أن يساهم في التوتر والقلق. يمكن أن تتراكم النفقات المتعلقة بزيارات الطبيب والأدوية الموصوفة والعلاجات التي لا تستلزم وصفة طبية والملابس المتخصصة ومنتجات العناية بالبشرة مع مرور الوقت. يمكن أن تؤدي إدارة هذه التكاليف إلى ضغوط مالية، مما يؤدي إلى تأثير سلبي على النفسية.
9- التأثير السلبي على مقدم الرعاية:
لا تؤثر الإكزيما فقط على الأشخاص الذين يعانون منها، بل يمكن أن تؤثر أيضًا على مقدمي الرعاية، مثل آباء الأطفال المصابين بالأكزيما. يمكن أن تؤثر المراقبة المستمرة وإدارة الاضطرابات ودعم الرفاهية العاطفية لأحبائهم على الصحة العقلية لمقدمي الرعاية ونوعية الحياة بشكل عام.
ما هي طرق التأقلم مع الأثر النفسي للإكزيما؟
توجد استراتيجيات تكيفية يمكن اتباعها للتعامل مع الآثار النفسية للإكزيما. إليك بعضها:
1- طلب المساعدة المهنية:
استشر أطباء الأمراض الجلدية. يمكنهم إرشادك وتقديم خيارات علاج فعالة، ومساعدتك على تخطي صعوبات هذه المشكلة. تشير الدكتورة عبير فهد إلى أن المطريات والكورتيكوستيرويدات ومضادات الهيستامين تجعل المريض يشعر بالراحة.
2- ممارسة تقنيات إدارة التوتر:
اعتمد تقنيات تقليل التوتر مثل تمارين التنفس العميق أو التأمل أو اليوجا أو اليقظة. يمكن أن تساعد هذه الممارسات في تخفيف القلق وتعزيز الاسترخاء وتحسين الرفاهية العامة.
3- إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية:
اعتني باحتياجاتك الجسدية والعاطفية. احصل على قسط كافٍ من النوم، واتبع نظامًا غذائيًا صحيًا، ومارس الرياضة بانتظام، وانخرط في الأنشطة التي تجلب لك السعادة والاسترخاء. يمكن أن يؤدي إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية إلى تحسين المرونة والصحة العقلية بشكل عام.
4- التواصل مع شبكات الدعم:
ابحث عن مجموعات الدعم حيث يمكنك التواصل مع الأشخاص الذين يفهمون ما تمر به. تقول الدكتورة عبير فهد إن هناك مجموعات دعم لمن يعانون من الإكزيما وأنهم يساعدون الناس على التكيف من خلال خلق مساحة يمكنهم من خلالها مشاركة تجاربهم وعواطفهم.
يمكن أن تساعد مشاركة القصص وطلب النصيحة وتقديم الدعم في مكافحة مشاعر العزلة وإعطائك شعورًا بالانتماء.
5- تثقيف نفسك والآخرين:
تعرف على المزيد حول الإكزيما وتأثيراتها النفسية لفهم تجربتك الخاصة بشكل أفضل. يمكن أن يؤدي إعلام الأصدقاء والعائلة والأحباء عن الإكزيما إلى تعزيز التعاطف وخلق بيئة داعمة.
تشير الدكتورة عبير فهد إلى أن الأسرة والأصدقاء بحاجة إلى التحلي بالصبر مع مرضى الإكزيما. من المهم تثقيف الآخرين حول الإكزيما من خلال تنظيم ورش عمل واتباع نصيحة الطبيب.
6- التعبير عن مشاعرك بصراحة:
شارك مشاعرك وتجاربك مع الأشخاص الذين تثق بهم. التعبير عن مشاعرك يمكن أن يساعد في تخفيف عبء الضيق العاطفي وتعزيز التفهم والدعم.
7- التحدث بإيجابية عن نفسك:
تحدى الأفكار السلبية وتبنى الحديث الإيجابي مع النفس. تذكر أن الإكزيما لا تحدد قيمتك كشخص وأنك تتخذ خطوات فعالة للسيطرة على حالتك.
8- وضع حدود:
ضع حدودًا عندما يتعلق الأمر بمناقشة المواضيع المثيرة أو المتعلقة بالإكزيما. احمِ صحتك العاطفية عن طريق الحد من التعرض للبيئات السلبية أو غير الداعمة.
9- استشارة طبيب نفسي:
إذا كان للاضطراب النفسي المرتبط بالإكزيما تأثير كبير على حياتك اليومية، فقد يكون من المفيد استشارة أخصائي صحة عقلية مؤهل. يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والأساليب العلاجية الأخرى في إدارة الأفكار السلبية، وتطوير استراتيجيات التأقلم، وتحسين الصحة العقلية بشكل عام.
10- اعتماد تقنيات الاسترخاء:
ابحث عن تقنيات الاسترخاء التي تناسبك، مثل استخدام تطبيقات الاسترخاء أو ممارسة الهوايات التي تعزز الاسترخاء وتقليل التوتر.
تذكر أن استراتيجيات التأقلم والدعم قد تختلف من شخص لآخر. من الضروري استكشاف أفضل ما يناسبك وطلب المساعدة المهنية.
الخاتمة
في النهاية، يتضح أن الإكزيما ليست مجرد مشكلة جلدية، بل لها آثار عميقة على الصحة النفسية والعافية العامة للأفراد المصابين. فقد تكون الأعراض الجسدية جزءًا فقط من المعاناة، حيث يعاني الأشخاص من الاكتئاب والقلق والعزلة الاجتماعية نتيجة لهذه الحالة المزمنة.
ولكن، لا تقلق. هناك أمل واضح في مواجهة الأثر النفسي للإكزيما. يمكن للدعم النفسي والتثقيف المستمر حول الإكزيما واستخدام تقنيات إدارة التوتر والسلوك الإيجابي، أن تكون آلات قوية في تحسين جودة الحياة وتخفيف العبء النفسي.
علينا أن نعمل على زيادة الوعي بالأثر النفسي للإكزيما وتقديم الدعم والتضامن للأفراد المصابين. لنقدم لهم الدعم العاطفي الذي يحتاجونه لمواجهة التحديات النفسية المرتبطة بهذا المرض.
Last Updated on فبراير 16, 2024